” الحمد لله ، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.
شعبي العزيز ، نخلد اليوم الذكرى العاشرة لاعتلائنا العرش. وهي مناسبة جديرة بأن نجعل منها لحظة قوية للوقوف الموضوعي على أحوال الأمة ، واستشراف مستقبلها.
ومن هذا المنطلق ، أشاطرك الاقتناع بأن المغرب قد قطع أشواطا كبرى ، في البناء الديمقراطي التنموي ، شكلت منعطفا هاما في تاريخه. وبروح المسؤولية ، أصارحك بأن ما اعترض هذا المسار من عوائق واختلالات ، يتطلب الانكباب الجاد على إزاحتها وتصحيحها لاستكمال بناء مغرب الوحدة والديمقراطية والتنمية وتأهيل بلادنا ، لرفع تحديات سياق عالمي ، مشحون بشتى الإكراهات والتحولات.
سبيلنا إلى ذلك ، الإسراع بوتيرة الأوراش الإنمائية وتعزيزها بإصلاحات جديدة ، وتدبيرها بالحكامة الجيدة.
ومهما كان الطريق شاقا وطويلا ، فإنه لن يزيدنا إلا إصرارا على المضي قدما ببلادنا على درب التقدم. عمادنا في ذلك ثوابت وطنية راسخة ، لم نفتأ نتعهدها بالتجديد.
وفي صدارتها وحدة الإسلام السني المالكي الذي نتقلد ، كأمير للمؤمنين ، أمانة تحديث صرحه المؤسسي وفضائه العلمي. غايتنا تحصين اعتداله وتسامحه من التطرف والانغلاق ، وترسيخ تعايش عقيدتنا السمحة مع مختلف الديانات والثقافات.
وبنفس العزم ، نحرص على توطيد وحدة الهوية المغربية ، جاعلين من إعادة الاعتبار لروافدها المتعددة ، مصدر غنى وقوة لوحدتنا الوطنية. كما عززنا الإجماع الوطني ، حول صيانة الوحدة الترابية باقتراح مبادرة الحكم الذاتي ، بعمقها الديمقراطي ، وأفقها المغاربي.
وباعتبار الملكية قطب الرحى للثوابت الوطنية ، فقد أضفينا عليها طابع المواطنة.
وذلك بترسيخ دولة الحق والقانون ، وديمقراطية المشاركة ، وانتهاج الحكامة الجيدة ، وسياسة القرب ، وكذا بإنصاف المرأة والفئات والجهات المحرومة.
كما كرسنا جوهرها كملكية ملتحمة بكل مكونات الأمة ، متسامية عن النزعات والفئات ، ملتزمة بالنهوض بالمسؤولية الريادية والقيادية للعرش ، في الائتمان على القضايا العليا للوطن والمواطنين والانتصار للتقدم.
وتجسيدا لهذا التوجه ، عملنا على أن يكون المواطن هو الفاعل والمحرك ، والغاية من كل مبادراتنا ومشاريعنا الإصلاحية والتنموية. ومن ثم ، كان إطلاقنا للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية. وإن ارتياحنا لنتائجها الأولى ، لا يعادله إلا عزمنا على التصدي لما قد يعترضها من صعوبات وعوائق.
لذا ، قررنا إعطاء دفعة جديدة وقوية لهذا الورش الدائم ، انطلاقا من توجيهاتنا التالية : أولا : توخي المزيد من النجاعة والمكتسبات. ولأجل ذلك ، ندعو كافة الفاعلين عند إعداد مشاريعها إلى مراعاة نوعيتها واستمراريتها ، والتقائها مع مختلف البرامج القطاعية ، ومخططات التنمية الجماعية.
ثانيا : ضرورة إخضاع مشاريعها للتقييم والمراقبة ، والأخذ بتوصيات المرصد الوطني لهذه المبادرة.
ثالثا : التركيز على المشاريع الصغرى الموفرة لفرص الشغل وللدخل القار ، لاسيما في هذه الظرفية الاقتصادية الصعبة.
شعبي العزيز ، إن منظورنا المتكامل للتنمية الشاملة ، يقوم على تلازم رفع معدلات النمو ، مع التوزيع العادل لثماره. وعلى جعل التماسك الاجتماعي ، الغاية المثلى للتنمية البشرية والنجاعة الاقتصادية.
ومن هذا المنطلق ، عملنا على تزويد المغرب بالبنية التحتية اللازمة لتقدمه وإطلاق مشاريع هيكلية كبرى.
وانتهاج استراتيجيات طموحة ، للقطاعات التي تشكل الركائز الأساسية والمستقبلية لاقتصادنا ، كالسياحة والصناعة والسكن والطاقة والموارد المائية ، وكذا القطاع الحيوي للفلاحة ، بإطلاق مخطط المغرب الأخضر.
وإننا لنجدد حمدنا لله تعالى ، على ما جاد به علينا ، من موسم فلاحي جيد ، خفف من وطأة الظرفية الاقتصادية الصعبة على بلادنا ، وخاصة العالم القروي.
وبفضل صواب اختياراتنا ، ونجاعة برامجنا الإصلاحية ، وترسيخنا للتضامن الاجتماعي والمجالي ، استطاعت بلادنا أن تواجه ، نسبيا ، التداعيات الاقتصادية والاجتماعية ، لأزمة مالية عالمية عصيبة.
بيد أن ذلك لا ينبغي أن يحجب عنا ما أبانت عنه هذه الأزمة غير المسبوقة ، من اختلالات هيكلية ، ومن مضاعفة حدة بعضها. لذا ، ندعو إلى تعبئة جماعية لكل السلطات والفعاليات ، من أجل تقويمها ، بما تقتضيه الظرفيات الصعبة ، من إرادة قوية ، ومن ابتكار للحلول الشجاعة. بعيدا عن كل أشكال السلبية والانتظارية ، والتدابير الترقيعية.
وفي هذا الصدد ، نحث الحكومة على مضاعفة جهودها ، ببلورة مخططات وقائية واستباقية ومقدامة ، للتحفيز الاقتصادي ، وتوفير الحماية الاجتماعية.
وبقدر ما نحن مؤتمنون على مقدساتنا الدينية والوطنية ، فإننا حريصون على التزام الجميع بثوابت اقتصادية واجتماعية ، تعد من صميم الحكامة التنموية الجيدة ، التي يتعين التشبث بها ، في جميع الأحوال ، ولاسيما في مواجهة الظرفيات الدقيقة.
فعلى الصعيد الاقتصادي ، يجب التحلي باليقظة الدائمة في مواجهة التقلبات الاقتصادية الدولية ، والحزم في الحفاظ على التوازنات الأساسية؛ باعتبارها ثمرة إصلاحات هيكلية ، ومجهودا جماعيا لكافة مكونات الأمة ، لا يجوز التفريط فيها ، مهما كانت الإكراهات.
كما ينبغي انتهاج أنجع السبل ، الكفيلة بضمان التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، وإحكام التنسيق ، والأخذ بالتقييم المستمر للسياسات العمومية ، وذلك في تفاعل مع التحولات الدولية ، وانفتاح إيجابي على العولمة.
فالأزمة ، مهما كان حجمها ، لا ينبغي أن تكون مدعاة للانكماش. وإنما يتعين أن تشكل حافزا على الاجتهاد ، لأنها تحمل في طياتها فرصا يجب العمل على استثمارها.
وذلك بمبادرات اقتصادية مقدامة ، تتوخى تعزيز الموقع الاقتصادي الجهوي والعالمي للمغرب.
ولهذه الغاية ، ندعو للتفاعل المجدي بين مختلف المخططات ، قصد الرفع من جودة وتنافسية المنتوج المغربي ، بما يكفل إنعاش الصادرات ، وبما يقتضيه الأمر من حفاظ على التوازنات المالية الخارجية ، وما يستلزمه من العمل على استثمار رصيدنا في المبادلات التجارية ، على أفضل وجه.
وتعزيزا للمناخ الاقتصادي الملائم للاستثمار والتنمية ، يتعين الالتزام بحسن تدبير الشأن العام ، بما ينطوي عليه من تخليق وحماية للمال العام ، من كل أشكال الهدر والتبذير ، ومحاربة لكل الممارسات الريعية ، والامتيازات اللامشروعة.
وإن المغرب ، وهو يواجه ، كسائر البلدان النامية ، تحديات تنموية حاسمة وذات أسبقية ، فإنه يستحضر ضرورة الحفاظ على المتطلبات البيئية.
والتزاما منه بذلك ، نؤكد وجوب انتهاج سياسة متدرجة وتأهيلية شاملة ، اقتصادا وتوعية ، ودعما من الشركاء الجهويين والدوليين. وفي هذا الصدد ، نوجه الحكومة إلى إعداد مشروع ميثاق وطني شامل للبيئة يستهدف الحفاظ على مجالاتها ومحمياتها ومواردها الطبيعية ، ضمن تنمية مستدامة.
كما يتوخى صيانة معالمها الحضارية ومآثرها التاريخية ، باعتبار البيئة رصيدا مشتركا للأمة ، ومسؤولية جماعية لأجيالها الحاضرة والمقبلة.
وفي جميع الأحوال ، يتعين على السلطات العمومية أن تأخذ بعين الاعتبار ، في كناش تحملات المشاريع الإنمائية ، عنصر المحافظة على البيئة.
ويشكل الإصلاح القويم لنظام التربية والتعليم والتكوين ، المسار الحاسم لرفع التحدي التنموي. فعلى الجميع أن يستشعر أن الأمر لا يتعلق بمجرد إصلاح قطاعي ، وإنما بمعركة مصيرية لرفع هذا التحدي الحيوي. سبيلنا إلى ذلك الارتقاء بالبحث والابتكار وتأهيل مواردنا البشرية ، التي هي رصيدنا الأساسي لترسيخ تكافؤ الفرص ، وبناء مجتمع واقتصاد المعرفة ، وتوفير الشغل المنتج لشبابنا.
وبموازاة المجال الاقتصادي ، يعد الجانب الاجتماعي ركيزة أساسية ، لما نقوده ونتابعه ميدانيا من أوراش تنموية في كافة ربوع المملكة. وفي هذا الإطار ، نعتبر أن توطيد العدالة الاجتماعية يشكل قوام مذهبنا في الحكم.
ومن هنا ندعو الحكومة لتجسيد هذا التوجه الراسخ ، وذلك بإعطاء الأسبقية للفئات والجهات الأشد خصاصة ، في الاستفادة من السياسات الاجتماعية للدولة.
وهذا ما يقتضي تقويم السياسات المتبعة بكل آلياتها ومجالاتها. في التزام بمقومات الإنصاف والعقلنة والفعالية ، وانتهاج الاجتهاد في ابتكار الحلول الخلاقة ، بكل مسؤولية وإقدام ، بعيدا عن أي نزوعات سياسوية ، أو توظيف شعبوي.
وحرصا منا على بلوغ أهداف هذه السياسات الاجتماعية المتجددة ، في مناخ سليم ، فإننا ندعو لإقرار ميثاق اجتماعي جديد.
ولأجل ذلك ، نؤكد ضرورة تفعيل المجلس الاقتصادي والاجتماعي ، كإطار مؤسسي للحوار ، وكقوة اقتراحية لبلورة هذا الميثاق ، بما يخدم تنمية بلادنا ، ويمكنها من مواصلة مسارها الإصلاحي ، ويجعلها قادرة على مواجهة الظرفيات الصعبة ، والحفاظ على ثقة شركائنا ، وتعزيز جاذبية المغرب للاستثمارات والكفاءات.
وتعزيزا للتآزر الاجتماعي ، بالتضامن المجالي ، ندعو الحكومة لبلورة استراتيجية متجددة ، تستهدف تحسين ظروف عيش ساكنة المناطق الجبلية ، والنهوض بمؤهلاتها الاقتصادية والثقافية والبيئية. وإننا لواثقون من انخراط جميع المغاربة ، في بناء ما نتوخاه من إرساء نموذج مجتمعي متضامن ومتوازن ، بروح المواطنة الملتزمة ، والعمل الجاد ، والثقة في النفس.
وفي هذا الصدد ، نوكد التنويه بمواطنينا في المهجر ، لتشبثهم الراسخ بوطنهم الأم ، في السراء والضراء.
فبالرغم من تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية ، فإن تعلقهم القوي بتجديد العهد ببلدهم المغرب ، يشهد إقبالا متزايدا ، وصلة الرحم مع ذويهم ، تعرف تواصلا مستمرا. وإننا لندعو الحكومة إلى مواصلة العناية بأحوالهم ، داخل الوطن وخارجه.
شعبي العزيز ، إن الحكامة الجيدة ، هي حجر الزاوية في البناء التنموي الديمقراطي. وقد قطعت بلادنا ، بالاقتراع المحلي الأخير ، شوطا جديدا في ترسيخ الممارسة الديمقراطية العادية ، ولاسيما من خلال تعزيز التمثيلية النسوية في المجالس الجماعية.
بيد أن الأهم هو نجاح المغرب في رفع تحدي التنمية المحلية الجهوية. وهو ما يظل رهينا بتوافر النخب المؤهلة. لذا ، ندعو المنتخبين المحليين ، إلى تحمل مسؤوليتهم ، في الاستجابة للحاجيات اليومية الملحة للمواطنين ، من خلال برامج واقعية.
وهو ما يتطلب القرب منهم ، وحسن تدبير شؤونهم ، وإيثار الصالح العام ، وتضافر الجهود مع الفعاليات الإنتاجية والجمعوية ، والسلطات العمومية.
وذلك في نطاق من الالتزام التام ، من قبل الجميع ، بسيادة القانون ، والحزم الدائم في ردع أي إخلال به.
وفي سياق تصميمنا على الارتقاء بالحكامة الترابية ، قررنا فتح ورش إصلاحي أساسي ، بإقامة جهوية متقدمة ، نريدها نقلة نوعية في مسار الديمقراطية المحلية.
ولهذه الغاية ، سنتولى ، قريبا ، تنصيب اللجنة الاستشارية للجهوية. منتظرين منها أن تعرض على سامي نظرنا ، في غضون بضعة أشهر ، تصورا عاما ، لنموذج مغربي لجهوية متقدمة.
تنهض بها مجالس ديمقراطية ، بما يلزم من التوزيع المتناسق للاختصاصات ، بين المركز والجهات.
كما ندعوها للتفكير المعمق ، في جعل أقاليمنا الجنوبية ، نموذجا للجهوية المتقدمة ، بما يعزز تدبيرها الديمقراطي لشؤونها المحلية ، ويؤهلها لممارسة صلاحيات أوسع.
وبموازاة ذلك ، نحث الحكومة على الإسراع بإعداد ميثاق للاتمركز الإداري. إذ لا جهوية ناجعة بدونه. وذلك بما يقتضيه الأمر ، من تجاوز للعقليات المركزية المتحجرة.
وإننا لنعتبر الجهوية المتقدمة واللا تمركز الواسع ، محكا حقيقيا للمضي قدما في إصلاح وتحديث هياكل الدولة.
وإدراكا منا بأن الحكامة الجيدة لن تستقيم ، إلا بالإصلاح العميق للقضاء ، سنخاطبك ، قريبا ، إن شاء الله ، بخصوص الشروع في تفعيل هذا الإصلاح ، بعد توصلنا بخلاصات الاستشارات الموسعة في هذا الشأن
شعبي العزيز ، بنفس روح الحزم والعزم ، عملنا على إعطاء دبلوماسيتنا دفعة قوية. جاعلين قوامها الحزم في المبادئ ، والواقعية في التوجه ، والنجاعة في الآليات ، والنتائج الملموسة.
وغايتها التجند للدفاع عن القضية المقدسة للوحدة الترابية للمملكة ، وعن المصالح العليا لبلادنا ، وتعزيز إشعاعها الجهوي والدولي. وكذا التعبئة لخدمة تنميتها ، بدبلوماسية اقتصادية.
كما أضفينا عليها روحا جديدة ، عمادها التفاعل بين سياساتنا الوطنية والأجندة الدولية ، وإعادة تركيزها في ستة فضاءات أساسية. وفي صدارتها التزامنا الراسخ ببناء اتحاد مغاربي ، مستقر ومندمج ومزدهر.
ومساهمة من بلادنا في توفير ظروف تفعيل العمل المغاربي المشترك ، كخيار استراتيجي ، لتحقيق تطلعات شعوبه الخمسة للتنمية المتكاملة ، والاستجابة لمتطلبات الشراكة الجهوية ، وعصر التكتلات الدولية ، نؤكد إرادتنا الصادقة لتطبيع العلاقات المغربية-الجزائرية.
وذلك وفق منظور مستقبلي بناء ، يتجاوز المواقف المتقادمة ، والمتناقضة مع الروح الانفتاحية للقرن الحادي والعشرين. ولاسيما تمادي السلطات الجزائرية في الإغلاق الأحادي للحدود البرية.
إن هذا الموقف المؤسف ، يتنافى مع الحقوق الأساسية لشعبين جارين شقيقين ، في ممارسة حرياتهم الفردية والجماعية ، في التنقل والتبادل الإنساني والاقتصادي.
وبنفس الروح المغاربية ، سنواصل جهودنا الدؤوبة ، وتعاوننا الداعم للمساعي الأممية البناءة ، للوصول إلى حل سياسي ، توافقي ونهائي ، للخلاف الإقليمي حول مغربية صحرائنا.
ومن هنا ، نؤكد تشبثنا بالمبادرة المقدامة للحكم الذاتي ، لجديتها ومصداقيتها ، المشهود بها دوليا ، بركائزها الضامنة لحقوق الإنسان ، والهادفة لتحقيق المصالحة ، ولمِّ الشمل ، بين كافة أبناء صحرائنا المغربية ، وبأفقها المغاربي والجهوي البناء ، المتطلع لرفع التحديات التنموية للمنطقة ، وضمان التقدم والرفاهية لساكنتها.
وبنفس العزم ، سنواصل جهودنا لتعزيز أواصر الأخوة العربية والإسلامية ، سواء بإعطائها مضمونا اقتصاديا وتنمويا فعليا ، أو من خلال نصرتنا الدائمة ، للقضايا العادلة لأمتنا.
وفي طليعتها ، عملنا كرئيس للجنة القدس على صيانة هويتها ، ووضعيتها كعاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة ، كاملة السيادة؛ مؤكدين انخراطنا ، في إجماع المجتمع الدولي ، على رؤية الدولتين ، ومرحبين بالتزام الإدارة الأمريكية بالحل العادل ، بما يقتضيه من مستلزمات وتوافقات.
ويتمثل الفضاء الثالث ، في تجسيد تضامن وتعاون المملكة مع الدول الإفريقية الشقيقة ، وفي مقدمتها بلدان الساحل المجاورة. بالمثابرة على إقامة شراكات حقيقية معها ، قائمة على المصالح المشتركة ، وتحقيق التنمية المستدامة. واضعين تجاربنا وخبرتنا في خدمتها ، كنموذج للتعاون جنوب- جنوب ، بمشاريع تنموية بشرية وهيكلية.
وفي سياق حرصنا على التفعيل الأمثل للوضع المتقدم والمتميز ، لشراكتنا مع الاتحاد الأوروبي ، ندعو لتضافر جهود كافة الفعاليات الوطنية ، للتأهيل لكسب تحدياته ، وحسن استثمار الفرص التي يتيحها في جميع المجالات.
وبموازاة ذلك ، ينبغي مواصلة الإسهام الجاد ، في كسب الرهانات الجهوية الجديدة ، ومن بينها تفعيل المبادرة الواعدة ، للاتحاد من أجل المتوسط.
وفي نفس السياق ، يتعين المضي قدما في تنويع شراكاتنا ، وتطوير علاقاتنا المتميزة ، مع مختلف جهات العالم.
واستكمالا لمنظورنا الشامل للعمل الدبلوماسي ، يتعين تعزيز انخراطنا الفعال في الأجندة متعددة الأطراف ، وفي حل القضايا العالمية الشمولية.
شعبي العزيز ، إننا نجدد ، في هذه المناسبة التاريخية ، عهدنا الوثيق على مواصلة قيادتك ، أوفياء للبيعة المتبادلة.
وبنفس الطموح وصدق العزيمة ووضوح الرؤية ، نؤكد الالتزام الراسخ بمضاعفة الجهود ، ليأخذ مسارنا التنموي ، وتيرته القصوى. سلاحنا في ذلك ، الالتحام الراسخ بين العرش والشعب ، وتعبئة كل الطاقات لرفع التحديات ، بالمثابرة في العمل ، والثقة في المستقبل.
أوفياء في ذلك للروح الطاهرة لكل من جدنا ووالدنا المنعمين ، جلالة الملكين ، محمد الخامس والحسن الثاني ، أكرم الله مثواهما.
وبكامل التقدير ، ننوه بالقوات المسلحة الملكية ، والإدارة الترابية ، وبكافة القوات العمومية ، من درك ملكي ، وأمن وطني ، وقوات مساعدة ، ووقاية مدنية ، في صيانة حوزة الوطن وأمنه واستقراره.
وبدعاء صادق من قلب خديمك الأول ، المفعم بمحبتك ، أسأل الله تعالى أن يحفظ كل المغاربة ، حيثما كانوا ، في أنفسهم وذويهم ، وأن يوالي نعمه على هذا البلد الأمين.
كما أضرع إليه جلت قدرته ، أن يكلل الجهود الخيرة ، لكل مغربي ومغربية ، داخل الوطن وخارجه ، بالنجاح والتوفيق ، فيما يسعد أحوالهم ، ويبلغهم آمالهم ، ويحقق بعملنا الجماعي ، لوطننا الغالي ، دوام الوحدة والاستقرار ، والتقدم والازدهار.
إنه نعم المولى ونعم النصير.
“قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني”. صدق الله العظيم.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
.